فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{وما كان لهم من دون الله من أولياء} أي: لا وليِّ لهم ممن يعبدون يمنعهم مني.
وقال ابن الأنباري: لما كانت عادة العرب جارية بقولهم: لا وزَرَ لك مني ولا نَفَق، يعنون بالوزر: الجبل، والنفق: السرَبَ، وكلاهما يلجأ إِليه الخائف، أعلم الله تعالى أن هؤلاء الكافرين لا يسبقونه هربًا، ولا يجدون ما يحجز بينهم وبين عذابه من جميع ما يستر من الأرض ويُلجأ إِليه.
قال: وقوله: {من أولياءَ} يقتضي محذوفًا، تلخيصه: من أولياءَ يمنعونهم من عذاب الله، فحذف هذا لشهرته.
قوله تعالى: {يضاعَف لهم العذاب} يعني الرؤساء الصادِّين عن سبيل الله، وذلك لإِضلالهم أتباعهم واقتداءِ غيرهم بهم.
وقال الزجاج: {لم يكونوا معجزين في الأرض} أي: في دار الدنيا، ولا لهم ولي يمنع من انتقام الله، ثم استأنف: {يضاعف لهم العذاب} لعظم كفرهم بنبيه وبالبعث والنشور.
قوله تعالى: {ما كانوا يستطيعون السمع} فيمن عني بهذا قولان:
أحدهما: أنهم الكفار.
ثم في معناه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم لم يقدروا على استماع الخير، وإِبصار الحق، وفعل الطاعة، لأن الله تعالى حال بينهم وبين ذلك، هذا معنى قول ابن عباس، ومقاتل.
والثاني: أن المعنى: يضاعف لهم العذاب بما كانوا يستطيعون السمع ولا يسمعونه، وبما كانوا يبصرون حُجج الله ولا يعتبرون بها، فحذف الباء، كما تقول العرب: لأجزينَّك ما عملت، وبما عملت، ذكره الفراء، وأنشد ابن الأنباري في الاحتجاج له:
نُغالي اللحمَ للأضياف نيِئا ** ونبذُله إِذا نضِجَ القُدورُ

أراد: نغالي باللحم.
والثالث: أنهم من شدة كفرهم وعداوتهم للنبي صلى الله عليه وسلم ما كانوا يستطيعون أن يتفهموا ما يقول، قاله الزجاج.
والقول الثاني: أنهم الأصنام، فالمعنى: ما كان للآلهة سمع ولا بصر، فلم تستطع لذلك السمع، ولم تكن تبصر.
فعلى هذا، يرجع قوله: {ما كانوا} إِلى أوليائهم، وهي الأصنام، وهذا المعنى منقول عن ابن عباس أيضًا.
قوله تعالى: {لا جرم}
قال ابن عباس: يريد: حقًا إِنهم الأخسرون.
وقال الفراء: {لا جرم} كلمة كانت في الأصل بمنزلة لابد ولا محالة، فجرت على ذلك، وكثر استعمالهم إِياها حتى صارت بمنزلة {حقا}، ألا ترى أن العرب تقول: لا جرم لآتينَّك، لا جرم لقد أحسنت، وأصلها من جرمتُ، أي: كسبت الذنب.
قال الزجاج: ومعنى {لا جرم} {لا} نفي لما ظنوا أنه ينفعهم، كأن المعنى: لا ينفعهم ذلك جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون، أي: كسب لهم ذلك الفعلُ الخسرانَ.
وذكر ابن الأنباري أن {لا} رد على أهل الكفر فيما قدَّروه من اندفاع الشر عنهم في الآخرة، والمعنى: لا يندفع عنهم عذابي، ولا يجدون وليًا يصرف عنهم نقمتي، ثم ابتدأ مستأنفًا {جرم}، قال: وفيها قولان:
أحدهما: أنها بمعنى: كسب كفرهم وما قدَّروا من الباطل وقوعَ العذاب بهم.
ف {جرم} فعل ماض، معناه: كسب، وفاعله مُضمر فيه من ذكر الكفر وتقرير الباطل.
والثاني: أن معنى جرم: أحقَّ وصحَّحَ، وهو فعل ماض، وفاعله مضمر فيه، والمعنى: أحقَّ كفرُهم وقوعَ العذاب والخسران بهم، قال الشاعر:
ولقد طَعَنْتَ أبا عُيَيْنَةَ طعنةً ** جرمت فزارة بعدها أن يَغْضَبُوا

أراد: حقت الطعنةُ فزارة بالغضب.
ومن العرب من يغيِّرُ لفظ {جرم} مع {لا} خاصة، فيقول بعضهم: {لا جُرْم}، ويقول آخرون: {لا جَرْ} باسقاط الميم، ويقال: {لاذا جرم} و{لاذا جر} بغير ميم، ولا {إِن ذا جرم} و{لا عن ذا جرم}، ومعنى اللغات كلها: حقًا. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِبًا} أي لا أحد أظلم منهم لأنفسهم لأنهم افتروا على الله كذبًا، فأضافوا كلامه إلى غيره، وزعموا أن له شريكًا وولدًا، وقالوا للأصنام هؤلاء شفعاؤنا عند الله.
{أولئك يُعْرَضُونَ على رَبِّهِمْ} أي يحاسبهم على أعمالهم.
{وَيَقُولُ الأشهاد} يعني الملائكة الحفظة؛ عن مجاهد وغيره؛ وقال سفيان: سألت الأعمش عن الأَشْهَادُ فقال: الملائكة.
الضَّحاك: هم الأنبياء والمرسلون؛ دليله قوله: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هؤلاء شَهِيدًا} [النساء: 41].
وقيل: الملائكة والأنبياء والعلماء الذين بلّغوا الرسالات.
وقال قتادة: عنى الخلائق أجمع.
وفي صحيح مسلم من حديث صفوان بن مُحرِز عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه قال: «وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الخلائق هؤلاء الذين كَذَبوا على الله».
{أَلاَ لَعْنَةُ الله عَلَى الظالمين} أي بعده وسخطه وإبعاده من رحمته على الذين وضعوا العبادة في غير موضعها.
قوله تعالى: {الذين يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله} يجوز أن تكون {الَّذِينَ} في موضع خفض نعتًا للظالمين، ويجوز أن تكون في موضع رفع؛ أي هم الذين.
وقيل: هو ابتداء خطاب من الله تعالى؛ أي هم الذين يصدون أنفسهم وغيرهم عن الإيمان والطاعة.
{وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا} أي يعدلون بالناس عنها إلى المعاصي والشرك.
{وَهُمْ بالآخرة هُمْ كَافِرُونَ} أعاد لفظ {هم} تأكيدًا.
قوله تعالى: {أولئك لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأرض} أي فائتين من عذاب الله.
وقال ابن عباس: لم يُعجزوني أن آمر الأرض فتنخسف بهم.
{وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّن دُونِ الله مِنْ أَوْلِيَاءَ} يعني أنصارًا، و: {مِنْ} زائدة.
وقيل: {ما} بمعنى الذي تقديره: أولئك لم يكونوا معجزين لا هم ولا الذين كانوا لهم من أولياء من دون الله؛ وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما.
{يُضَاعَفُ لَهُمُ العذاب} أي على قدر كفرهم ومعاصيهم.
{مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع} {ما} في موضع نصب على أن يكون المعنى: بما كانوا يستطيعون السمع.
{وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ} ولم يستعملوا ذلك في استماع الحق وإبصاره.
والعرب تقول: جزيته ما فعل وبما فعل؛ فيحذفون الباء مرة ويثبتونها أخرى؛ وأنشد سيبويه:
أَمَرْتُكَ الخيرَ فافعل ما أمِرتَ بهِ ** فقد تَركُتك ذا مالٍ وذا نَشَبِ

ويجوز أن تكون: {ما} ظرفا، والمعنى: يضاعف لهم أبدًا، أي وقت استطاعتهم السمع والبصر، والله سبحانه يجعلهم في جهنم مستطيعي ذلك أبدًا.
ويجوز أن تكون: {ما} نافية لا موضع لها؛ إذ الكلام قد تمّ قبلها، والوقف على العذاب كافٍ؛ والمعنى: ما كانوا يستطيعون في الدنيا أن يسمعوا سمعًا ينتفعون به، ولا أن يبصروا إبصار مهتد.
قال الفرّاء: ما كانوا يستطيعون السمع؛ لأن الله أضلّهم في اللوح المحفوظ.
وقال الزجاج: لبغضهم النبيّ صلى الله عليه وسلم وعداوتهم له لا يستطيعون أن يسمعوا منه ولا يفقهوا عنه.
قال النحاس: وهذا معروف في كلام العرب؛ يقال: فلان لا يستطيع أن ينظر إلى فلان إذا كان ذلك ثقيلًا عليه.
قوله تعالى: {أولئك الذين خسروا أَنْفُسَهُمْ}
ابتداء وخبر.
{وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} أي ضاع عنهم افتراؤهم وتَلِف.
قوله تعالى: {لاَ جَرَمَ} للعلماء فيها أقوال؛ فقال الخليل وسيبويه: {لاَ جَرَمَ} بمعنى حق، ف: {لا} و: {جَرَمَ} عندهما كلمة واحدة، و: {أنّ} عندهما في موضع رفع؛ وهذا قول الفرّاء ومحمد ابن يزيد؛ حكاه النحاس.
قال المهدويّ: وعن الخليل أيضًا أن معناها لابد ولا محالة، وهو قول الفرّاء أيضًا؛ ذكره الثعلبيّ.
وقال الزجاج: {لا} هاهنا نفي وهو ردّ لقولهم: إن الأصنام تنفعهم؛ كأن المعنى لا ينفعهم ذلك، وجرم بمعنى كَسَب؛ أي كسب ذلك الفعلُ لهم الخسران، وفاعل كسب مضمر، و: {أنّ} منصوبة بجرم، كما تقول كَسَب جفاؤُك زيدًا غضبة عليك؛ وقال الشاعر:
نَصبنا رأسه في جِذْع نَخْلٍ ** بما جَرَمَتْ يداه وما اعتدينا

أي بما كسبت.
وقال الكسائيّ: معنى: {لاَ جَرَمَ} لا صَدّ ولا مَنْع عن أنهم. وقيل: المعنى لا قَطعَ قاطعٌ، فحذف الفاعل حين كثر استعماله؛ والجَرْم القَطْع؛ وقد جَرَمَ النَّخْلَ واجترمه أي صَرَمه فهو جارِمٌ، وقومٌ جُرَّم وجُرَّامٌ وهذا زمن الجَرَام والجِرَام، وجَرَمتُ صوف الشاة أي جززتُه، وقد جَرَمتُ منه أي أخذتُ منه؛ مثل جَلَمْت الشيء جَلْمًا أي قطعتُ، وجَلَمت الجزورَ أَجلِمها جَلْمًا إذا أخذتَ ما على عظامها من اللحم، وأخذت الشيء بجَلْمته ساكنة اللام إذا أخذته أجمع، وهذه جَلَمة الجزور بالتحريك أي لحمها أجمع؛ قاله الجوهريّ.
قال النحاس: وزعم الكسائيّ أن فيها أربع لغات: لا جَرَمَ، ولا عن ذا جَرَمَ، ولا أَنْ ذا جَرَمَ، قال: وناس من فَزَارة يقولون: لا جَرَ أنّهم بغير ميم.
وحكى الفرّاء فيه لغتين أخريين قال: بنو عامر يقولون لا ذا جَرَمَ، قال: وناس من العرب يقولون: لا جُرم بضم الجيم. اهـ.

.قال الخازن:

قوله: {ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا} يعني أي الناس أشد تعديًا ممن اختلق على الله كذبًا فكذب عليه وزعم أن له شريكًا أو ولدًا وفي الآية دليل على أن الكذب على الله من أعظم أنواع الظلم لأن قوله تعالى: {ومن أظلم ممن أفترى على الله كذبًا} ورد في معرض المبالغة: {أولئك} يعني المفترين على الكذب: {يعرضون على ربهم} يعني يوم القيامة فيسألهم عن أعمالهم في الدنيا: {ويقول الأشهاد} يعني الملائكة الذين يحفظون أعمال بني آدم، قاله مجاهد وقال ابن عباس: هم الأنبياء والرسل وبه قال الضحاك وقال قتادة: الأشهاد الخلق كلهم: {هؤلاء الذين كذبوا على ربهم} يعني: في الدنيا وهذه الفضيحة تكون في الآخرة لكل من كذب على الله: {ألا لعنة الله على الظالمين} يعني يقول الله ذلك يوم القيامة فيلعنهم ويطردهم من رحمته.
عن صفوان بن محرز المازني قال: بينما ابن عمر يطوف بالبيت إذ عرض له رجل فقال يا أبا عبد الرحمن أخبرني ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في النجوى قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «يدنو المؤمن من ربه حتى يضع عليه كنفه فيقرره بذنوبه تعرف ذنب كذا وكذا فيقول أعرب رب أعرف مرتين فيقول سترتها عليه في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ثم يعطى كتاب حسناته» وفي رواية «ثم تطوى صحيفة حسناته» وأما الكفار والمنافقون فيقول الأشهاد وفي رواية «فينادى بهم على رؤوس الأشهاد من الخلائق هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين» قوله سبحانه وتعالى: {الذين يصدون عن سبيل الله} هذه الآية متصلة بما قبلها والمعنى ألا لعنة الله على الظالمين ثم وصفهم فقال الذين يصدون عن سبيل الله يعني يمنعون الناس من الدخول في دين الله الذي هو دين الإسلام: {ويبغونها عوجًا} يعني ويطلبون إلقاء الشبهات في قلوب الناس وتعويج الدلائل الدالة على صحة دين الإسلام: {وهم بالآخرة هم كافرون} يعني وهم مع صدهم عن سبيل الله يجحدون البعث بعد الموت وينكرونه: {أولئك} يعني من هذه صفتهم: {لم يكونوا معجزين في الأرض} قال ابن عباس يعني سابقين وقيل هاربين وقيل فائتين في الأرض والمعنى أنهم لا يعجزون الله إذا أرادهم بالعذاب والانتقام منهم ولكنهم في قبضته وملكه لا يقدرون على الامتناع منه إذا طلبهم: {وما كان لهم من دون الله من أولياء} يعني وما كان لهؤلاء المشركين من أنصار يمنعونهم من دون الله إذا أراد بهم سوءًا وعذابًا: {يضاعف لهم العذاب} يعني في الآخرة يزاد عذابهم بسبب صدهم عن سبيل الله وإنكارهم البعث بعد الموت: {ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون} قال قتادة صموا عن سمع الحق فلا يسمعون خيرًا فينتفعون به ولا يبصرون خيرًا فيأخذون به.
وقال ابن عباس أخبر الله سبحانه وتعالى أنه أحال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة أما في الدنيا فإنه قال ما كانوا يستطيعون السمع وهي طاعته وما كانوا يبصرون وأما في الآخرة فإنه قال لا يستطيعون خاشعة أبصارهم.
{أولئك الذين خسروا أنفسهم} يعني أن هؤلاء الذين هذه صفتهم هم الذين غبنوا أنفسهم حظوظها من رحمة الله: {وضل عنهم ما كانوا يفترون} يعني وبطل كذبهم وإفكهم وفريتهم على الله وادعاؤهم أن الملائكة والأصنام تشفع لهم: {لا جرم} يعني حقًا وقال الفراء لا محالة: {أنهم في الآخرة هم الأخسرون} لأنهم باعوا منازلهم في الجنة واشتروا عوضها منازل في النار وهذا هو الخسران المبين. اهـ.

.قال أبو حيان:

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}
لما سبق قولهم: أم يقولون افتراه، ذكر أنه لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذبًا، وهم المفترون الذين نسبوا إلى الله الولد، واتخذوا معه آلهة، وحرموا وحللوا من غير شرع الله، وعرضهم على الله بمعنى التشهير لخزيهم والإشارة بكذبهم، وإلا فالطائع والعاصي يعرضون على الله: {وعرضوا على ربك صفًا} والاشهاد: جمع شاهد، كصاحب وأصحاب، أو جمع شهيد كشريف وأشراف، والأشهاد الملائكة الذين يحفظون عليهم أعمالهم في الدنيا، أو الأنبياء، أو هما المؤمنون، أو ما يشهد عليهم من أعضائهم أقوال.
وفي قوله: هؤلاء إشارة إلى تحقيرهم وإصغارهم بسوء مرتكبهم.
وفي قوله: على ربهم أي: على من يحسن إليهم ويملك نواصيهم، وكانوا جديرين أن لا يكذبوا عليه، وهذا كما تقول إذا رأيت مجرمًا: هذا الذي فعل كذا وكذا.
وتقدم تفسير الجملة بعد هذا.
وهم تأكيد لقوله: وهم، وقوله: معجزين، أي كانوا لا يعجزون الله في الدنيا أن يعاقبهم لو أراد عقابهم، وما كان لهم من ينصرهم ويمنعهم من العقاب، ولكنه أراد انظارهم وتأخير عقابهم إلى هذا اليوم.
قال الزمخشري: وهو كلام الاشهاد يعني: أن كلامهم من قولهم هؤلاء إلى آخر هذه الجملة التي هي وما كان لهم من دون الله من أولياء.
وقد يظهر أن قوله تعالى: {ألا لعنة الله على الظالمين} من كلام الله تعالى لا على سبيل الحكاية، ويدل لقول الزمخشري قوله: {فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين} الآية فكما أنه من كلام المخلوقين في تلك الآية، فكذلك هنا يضاعف لهم العذاب يشدد ويكثر، وهذا استئناف إخبار عن حالهم في الآخرة، لأنهم جمعوا إلى الكفر بالبعث الكذب على الله، وصدّ عباده عن سبيل الله، وبغى العوج لها، وهي الطريقة المستقيمة.
ما كانوا يستطيعون السمع إخبار عن حالهم في الدنيا على سبيل المبالغة يعني: السمع للقرآن، ولما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.